للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السدي: هو الندى.

أبو سلام عبد الملك بن سلام عن زيد بن أسلم في قوله فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ قال:

هي أرض مصر إن لم يصبها مطر زكت وإن أصابها مطر ضعفت، وهذا مثل ضربه الله عزّ وجلّ لعمل المؤمن المخلص، يقول: كما أن هذه الجنّة تريع في كلّ حال ولا تخلف ولا تخيّب صاحبها سواء قلّ المطر أو كثر، كذلك يضاعف الله عزّ وجلّ ثواب صدقة المؤمن المخلص الذي لا يمنّ ولا يوذي سواء قلّت نفقته وصدقته أو كثرت فلا تخيب بحال.

وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ هذه الآية متصلة بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى. الآية أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ.

تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وإنّما قال: أَصابَهُ فردّ الماضي على المستقبل لأن العرب تلفظ توددت مرّة مع (لو) وهي الماضي فتقول: وددت لو ذهبت عنّا، ومرّة مع (أن) وهي للمستقبل فتقول: وددت أن تذهب عنّا، و (لو) و (أن) مضارعان في معنى الجزاء، ألا ترى أنّ العرب فيما جمعت بين (لو) و (أن) قال الله تعالى:

وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ «١» . الآية كما تجمع بين (ما) و (أن) وهما جحد.

قال الشاعر

ما أن رأيت ولا سمعت بمثله ... كاليوم طالي أينق جرب «٢»

فلما جاز ذلك صلح أن يقال: فعل بتأويل يفعل ويفعل بتأويل فعل، وان ينطق ب (لو) عنها ما كان (أن) وب (أن) مكان (لو) .

فمعنى الآية: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ لو كان لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ أولاد صغار ضُعَفاءُ عجزة فَأَصابَها إِعْصارٌ وهي الريح العاصف التي تهب من الأرض إلى السماء كأنّها عمود.

قال الكميت:

[تسدي الرياح بها ذيلا وتلحمه ... ذا معتو من دقيق الترب موّار

في منخل جاء من هيف يمانيه ... بالسافيات وفي غربال إعصار]

وجمعه أعاصير.


(١) سورة آل عمران: ٣٠.
(٢) تفسير الطبري: ٢٦/ ٢٦٧ وفيه: سمعت به، بدل: سمعت بمثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>