للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقل حفرا قال الله تعالى: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً «١» . وقال: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا «٢» .

وأما معنى الآية فقال المفسرون: نهى الله عزّ وجلّ المؤمنين عن ملاطفة الكافرين وموالاتهم ومداهنتهم ومبايعتهم إلّا أن يكون الكفّار ظاهرين غالبين، أو يكون المؤمن في قوم كفّار ليس فيهم غيره، ويخافهم ويداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه من غير أن يسفك دما حراما، أو مالا حراما، أو يظهر الكافرين على عورة المؤمنين، فالمتّقي لا يكون إلّا مع خوف القتل وسلامة النية كفعل عمار بن ياسر.

عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب، قال: ورد رجل على النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة فقال: ما أراني إلّا قد هلكت، قال: مالك؟ قال: قد عذّبني قريش. فقلت: ما قالوا؟ قال: كيف كان قلبك؟ قال: مطمئن، قال: فإن عادوا لك فعد لهم مثل ذلك، قالها ثلاث مرات.

المسيب بن عبيدة عن إبراهيم، قال: قال ابن مسعود: خالطوا النّاس ونائلوهم وصافحوهم بما يشتهون، ودينكم لا يكون به ريبة.

وقال صعصعة بن صوحان لأسامة بن زيد «٣» : أنا كنت أحبّ إلى أبيك منك، وأنت أحبّ إليّ من أبي «٤» ولذا أوصيك بخصلتين: خالص المؤمن وخالق «٥» الكافر فإنّ الكافر يرضى منك بالخلق الحسن، ويحق عليك أن تخالص المؤمن «٦» .

وروي عن جعفر بن محمد الصادق أنّه قال: التقية واجبة، وإني لأسمع الرجل في المسجد يشتمني فأستر بالسارية منه لئلا يراني

. وقال: الرياء مع المؤمن شرك ومع المنافق في داره عبادة.

وأنكر قوم التقيّة اليوم:

فقال معاذ بن جبل عن مجاهد: كانت التقيّة في جدة الإسلام قبل استحكام الدين وقوة المسلمين، فأمّا اليوم فقد أعزّ الله عزّ وجل الإسلام، فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتّقوا من عدوهم.


(١) سورة نوح: ١٧.
(٢) سورة المزمّل: ٨.
(٣) في المصدر: لابن يزيد.
(٤) في تاريخ دمشق: ابني.
(٥) في تاريخ دمشق (٢٤/ ٩٨) خالف.
(٦) مسند ابن راهويه: ٣/ ١٠١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>