للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال يحيى البكاء: قلت لسعيد بن جبير في أيام الحجّاج: إنّ الحسن كان يقول لكم:

التقيّة باللسان والقلب مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ. قال سعيد: ليس في الإسلام تقيّة إنّما التقيّة في أهل الحرب.

وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ: أي يخوّفكم الله على موالاة الكفار وارتكاب المنهي ومخالفة المأمور من نفسه.

قال المفسرون: من عذاب نفسه وعقوبته وبطشه.

وقال أهل المعاني: معناه ويحذّركم الله إيّاه لأن الشيء والنفس والذات والإسم عبارة عن الوجود، ونفس الشيء هو الشيء بعينه كقوله: أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ «١» : أي ليقتل بعضكم بعضا.

وقال الأعشى:

يوما بأجود نائلا منه إذا ... نفس البخيل تجهمت سؤالها «٢»

أراد إذا البخيل تجهم سؤاله.

وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ، قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ: قلوبكم من مودة الكفّار. أَوْ تُبْدُوهُ: من موالاتهم قولا وفعلا، يَعْلَمْهُ اللَّهُ: وقال الكلبي: أي ستروا ما في قلوبكم لرسول الله من التكذيب، ويظهرون بحربه. وقال: يَعْلَمْهُ اللَّهُ ويحفظ عليكم حتى يحاربكم به ويعاقبكم عليه، ثم قال: وَيَعْلَمُ: رفع على الاستئناف كقولهم: قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ «٣» بالرفع.

وقوله: فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ «٤» ، ثم قال: وَيُحِقُّ الْحَقَّ: وكيف يخفى عليه موالاتكم الكافرين وميلكم إليهم، مودّة بالقلب: أي معونة بالقلب والفعل.

وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ: نصب يوما، نزع حرف الصفة أي في يوم. وقيل: نصب بإضمار فعل، أي: اذكروا واتقوا يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً: موفرا لم يبخس منه شيء. قراءة العامة بنصب الضاد على المفعول قد صدّهم قوله:


(١) سورة النساء: ٦٦.
(٢) حقائق التأويل للشريف الرضي: ٧٩. [.....]
(٣) سورة التوبة: ١٤. ١٥.
(٤) سورة الشورى: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>