للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج خداج خداج غير تمام» «١» . قال: فقلت له: إذا كان خلف الإمام؟ قال: فأخذ بذراعي وقال: «يا فارسي- أو قال: يا ابن الفارسي- اقرأ بها في نفسك» [٥٣] «٢» .

واحتجوا أيضا بما

روى أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كانوا يقرءون خلف النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «خلطتم عليّ القرآن» «٣» .

وهذا الخبر فيه نظر، ولو صحّ لكان المنع من القراءة كما

رواه النضر بن شميل.

أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لقوم يقرءون القرآن ويجهرون به: «خلطتم عليّ القرآن» [٥٤] «٤»

، فليس في نهيه عن القراءة خلف الإمام جهرا ما يمنع عن القراءة سرّا. ونحن لا نجيز الجهر بالقراءة خلف الإمام لما فيه من سوء الأدب والضرر الظاهر.

وقد روى يحيى بن عبد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حازم، عن البياضي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قام أحدكم يصلّي، فإنه يناجي ربّه، فلينظر بما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن» [٥٥] «٥» .

ودليل هذا التأويل حديث عبد الله بن زياد الأشعري قال: صليت إلى جنب عبد الله بن مسعود خلف الإمام فسمعته يقرأ في الظهر والعصر. وكذلك الجواب عن احتجاجهم

بخبر عمران بن الحصين قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظهر والعصر فلما انصرف قال: أيّكم قرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) «٦» ، قال رجل: أنا ولم أرد به إلّا الخير. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قد عرفت أن بعضكم خالجنيها» [٥٦] «٧» .

واحتجّوا أيضا

بحديث أبي هريرة: فإذا قرأ فأنصتوا، وليس الإنصات بالسكوت فقط إنّما الإنصات أن تحسن استماع الشيء ثم يؤدى كما سمع

، يدل عليه قوله تعالى في قصّة الجن:

فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قالُوا يا قَوْمَنا «٨» .

وقد يسمى الرجل منصتا وهو قارئ مسبّح إذا لم يكن جاهرا به، ألا ترى

أن النبي صلّى الله عليه وسلّم


(١) معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري: ١٣٢. [.....]
(٢) مسند الحميدي: ٢/ ٤٣٠.
(٣) مجمع الزوائد: ٢/ ١١٠.
(٤) مجمع الزوائد: ٢/ ١١٠.
(٥) مسند أحمد: ٢/ ١٢٩، مجمع الزوائد: ٢/ ٢٦٥، بتفاوت.
(٦) سورة الأعلى: ١.
(٧) مسند أحمد: ٤/ ٤٢٦.
(٨) سورة الأحقاف: ٢٩- ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>