للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا جُنُباً نصب على الحال، يعني ولا تقربوا الصلاة وأنتم جنب، وقرأ إبراهيم النخعي: (جُنْباً) بسكون النون، يقال: رجل جنب، ورجلان وامرأتان جنب، ورجال ونساء جنب، والفعل منه أجنب. يجنب، وأصل الجنابة البعد، فقيل له: جنب لأنّه يجتنب حتى يتطهر، ثم استثنى فقال: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ واختلفوا في معناها،

فقال: بعضهم: الّا إن يكونوا مسافرين ولا يجدون الماء فيتيمّموا، وهذا قول عليّ وابن عباس وابن جبير وابن زيد ومجاهد والحكم والحسن بن مسلم وابن كثير.

وقال الآخرون: معناه إلّا مجتازين فيه للخروج منه مثل أن ينام في المسجد، فيجنب، أو يكون الماء فيه، أو يكون طريقه عليه، فرخص له أن يمرّ عليه ولا يقيم، وعلى هذا القول تكون الصلاة بمعنى المصلّى والمسجد كقوله صَلَواتٌ «١» اي موضع الصلوات، وهذا قول عبد الله وابن المسيّب وابن يسار والضحاك والحسن وعكرمة وإبراهيم وعطاء الخراساني والنخعي والزيدي، يدلّ عليه ما روى الليث عن يزيد بن أبي حبيب أنّ رجالا من الأنصار كانت أبوابهم في المسجد، فيصيبهم الجنابة، ولا ماء عندهم فيريدون الماء ولا يجدون ممرّا للماء إلّا في المسجد، فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية.

وأصل العبور: القطع يقال: عبر الطريق والنهر إذا قطعهما وجال فيهما «٢» .

وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى جمع مريض.

إسماعيل عن أبيه عن الحسين عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إنّ مسجدي حرام على كلّ حائض من النساء، وعلى كلّ جنب من الرجال إلّا على محمد وأهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام» «٣» [٣٢٦] .

وأراد به مرضا يضرّه مساس الماء كالجدري والجروح والقروح، أو كسر قد وضع عليه الجبائر، فإنّه رخّص له في التيمّم، هذا قول جماعة من الفقهاء، إلّا ما ذهب [إليه] »

عطاء والحسن أنه لا يتيمّم مع وجود الماء، واحتّجا بقوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا «٥» ، وهذا واجد الماء.

وهذا غلط، لما

روى عطاء عن جابر قال: خرجنا في سفر وأصاب رجلا معنا حجر فشجّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل، فمات، فلمّا قدمنا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبر بذلك، فقال:


(١) سورة البقرة: ١٥٧.
(٢) كذا في المخطوط.
(٣) السنن الكبرى: ٧/ ٦٥.
(٤) في المخطوط: عليه.
(٥) سورة النساء: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>