للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتيمم بين صلاتي فرض، هذا قول عليّ وابن عباس وابن حمزة ومذهب مالك والشافعي والليث بن سعد وأحمد بن حنبل، قالوا: لأنها طهارة ضرورة، فقسناها على المستحاضة،

ولأنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «فأينما أدركتكم الصّلاة فتيمّموا وصلّوا» [٣٣١] .

وروى أبو إسحاق عن الحريث عن عليّ رضي الله عنه قال: «تيمّموا لكلّ صلاة» «١» [٣٣٢] .

وروي ابن المهدي عن عاصم الأحول عن عمرو بن قيس «٢» قال: بل تتيمم لكلّ صلاة وإن لم تحدث.

وذهبت طائفة إلى أنّ التيمم كالطهارة بالماء يجوز تقديمه على وقت الصلاة ويصلّي من الحدث الأكبر إلى الحدث لمسا من الفرائض والنوافل، وهو قول سعيد بن المسيّب والحسن والثوري وأبي عبيدة واحتجوا

بقول النبي صلّى الله عليه وسلم «الصّعيد الطيّب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج» «٣» [٣٣٣] .

والشرط الثاني من الشرائط المبيحة للتيمم: طلب الماء، وكيفيّة الطلب أن يطلبه في رحله فإن لم يجد طلب من أصحابه، فإن لم يجد عندهم طلب يمينا وشمالا ووراء وأمام، فإن كان هناك تلّ صعد ونظر، فإن رأى إنسانا قادما فليتعرّف منه، فإن تيمم قبل الطلب لم يصح عند أكثر الفقهاء.

وقال أبو حنيفة: طلب الماء ليس بشرط في جواز التيمم بل مستحب، فان تيمم قبله أجزأه، لأنه لو كان شرطا فيه لكان شرطا في النافلة لعدم الماء، ولما كان التيمم للنافلة دون طلب الماء جاز أيضا للفريضة دونه، دليلها قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً، ولا يقال: لم يجز إلّا لمن طلب الماء، والدليل عليه أنّه لو وكّل وكيلا ليشتري له شيئا فان لم يجد فخيّره فاشترى الشيء الثاني قبل طلبه الأول ضمن.

والشرط الثالث: إعوازه بعد طلبه، فأمّا إذا كان بينه وبين الماء حائل من لص أو عدو أو سبع أو جمل صائل أو نار ونحوها فهو عادم للماء، وكذلك إن كان عليه ضرر في إتيانه مثل أن يخاف على رحله إن غاب عنه، وكذلك إن كان الماء في بئر ولم يمكنه الوصول إليه.

والشرط الرابع: العذر من مرض أو سفر لقوله: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ.

والمرض على ثلاثة أضرب: مرض لا يضرّ استعمال الماء معه، فلا يجوز التيمم معه،


(١) تفسير الطبري: ٥/ ١٦٠ وفيه التيمم.
(٢) كلمة غير مقروءة، والظاهر ما أثبتناه. [.....]
(٣) سنن الدارقطني: ١/ ١٩٦ بتفاوت يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>