للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء كان صفيقا أو رقيقا، والدليل على أنّها لا تنقض الوضوء إذا كانت من دون حائل ظاهر الآية أَوْ لامَسْتُمُ فإذا لمسها مع الحائل فما لمسها وإنّما لمس الحائل، وعليه إنّه لو حلف ألّا يلمسها ولمسها من وراء حائل لم يحنث.

فهذا كلّه حكم اللامس، وأما الملموس فهل ينتقض به طهره أم لا؟ فعلى قولين للشافعي:

أحدهما: أنّه ينتقض لاشتراكهما في الالتذاذ.

والثاني:

لا ينتقض لخبر عائشة: «فوقعت يدي على أخمص قدمي رسول الله صلّى الله عليه وسلم»

والله أعلم.

قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا اعلم أنّ التيمّم من خصائص هذه الأمة لما

روى ربّعي بن خمّاش، عن حذيفة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «فضّلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، جعلت الأرض لنا مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء» «١» [٣٣٠] .

وأما بدء التيمّم

فأخبر مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة، وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالأبواء «٢» ، حتى إذا كنّا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي وكنت استعرتها من أسماء، فصلّ، فأخبرت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمر بالتماسه فالتمس، فلم يوجد، فأناخ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فباتوا ليلتهم تلك، وأقاموا على النجاسة وليسوا على ماء وليس عندهم ماء، فأتى الناس أبا بكر، فقالوا: ألا ترى إلى عائشة حبست رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على غير ماء؟ فجاء أبو بكر، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضع رأسه على فخذي قد نام فعاتبني، وقال: ما شاء الله! وقال: قبّحها الله من قلادة حبست الناس على غير ماء وقد حضرت الصلاة، ثم طعن بيده على خاصرتي فما منعني من التحريك «٣» إلّا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان واضعا رأسه على فخذي، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله عزّ وجلّ آية التيمّم.

قالت: فبعثت البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر جزاكم الله خيرا، فو الله ما نزل بك أمر قط تكرهينه إلّا جعل لك وللمسلمين فيه خير.

فأباح الله تعالى التيمّم لخمس شرائط:

أحدها: دخول وقت الصلاة، فلا يجوز التيمّم إلّا بعد دخول وقت الصّلاة، وقد يجمع


(١) كنز العمال: ١١/ ٤٠٩ ح ٣١٩١٢.
(٢) في صحيح البخاري ٤: ١٩٥ (في بعض أسفاره) ، وكذا في سنن النسائي ١: ١٦٣.
(٣) كذا في المخطوط، وفي سنن النسائي ١: ١٦٤ (التحرك) .

<<  <  ج: ص:  >  >>