للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نكون من أهل مشيئته، فنزلت: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ... «١» ، فبعث بها إليهم فلما قرءوها دخل هو أصحابه في الإسلام، ورجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقبل منهم، ثم قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لوحشي: «أخبرني كيف قتلت حمزة؟» ، فلما أخبره قال: «ويحك غيّب وجهك عنّي» «٢» [٣٤٤] ، فلحق وحشي بالشام فكان بها إلى أن مات.

وقال مقاتل: نزلت هذه الآية في اليهود إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ فمشيئته لأهل التوحيد. أبو مجلز، عن ابن عمر: نزلت في المؤمنين، وذلك

أنّه لمّا نزلت يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ- الآية- قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر فتلاها على الناس، فقام إليه رجل، فقال: والشرك بالله؟ فسكت ثم قام إليه مرّتين أو ثلاثا، فنزلت: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ الآية

، فأثبتت هذه في الزمر وهذه في النساء.

المسيب بن شريك، عن مطرف بن الشخير قال: قال ابن عمر: كنّا على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا مات الرجل منّا على كبيرة شهدنا أنّه من أهل النار، حتى نزلت هذه الآية إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ، فأمسكنا عن الشهادات.

عن جابر بن عبد الله أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: « [لا تزال] المغفرة تحل بالعبد ما لم يرفع «٣» الحجاب» . قيل: يا رسول الله، وما [وقوع] «٤» الحجاب؟ قال: «الإشراك بالله» [٣٤٥] ثم قرأ:

إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ «٥» الآية.

مسروق عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنّة ولم يضرّه معه خطيئة، كما لو لقيه وهو يشرك به شيئا دخل النار ولم تنفعه حسنة» «٦»

[٣٤٦] .

وعن عليّ (رضي الله عنه) عنه قال: «ما في القرآن أرجى إليّ من هذه الآية إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ «٧» [٣٤٧] .

وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ الآية،

قال الكلبي: نزلت في رجال من اليهود، أتوا بأطفالهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم منهم عدي بن عمرو والنعمان ابن أوفى وصهيب بن زيد، فقالوا: يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ فقال: «لا» ، فقالوا:


(١) سورة الزمر: ٢٣.
(٢) المعجم الأوسط: ٢/ ٢٢٢، والبداية والنهاية: ٤/ ٢١.
(٣) في المخطوط: يقع وما أثبتناه من المصدر.
(٤) غير موجودة في المصدر.
(٥) الحديث في حسن الظن بالله لابن أبي الدنيا: ٦٥ ح ٥٦.
(٦) كنز العمال: ١/ ٨١ ح ٣٢٨.
(٧) سنن الترمذي: ٤/ ٣١٤ وفيه أحب بدل أرجى.

<<  <  ج: ص:  >  >>