للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله ما نحن إلّا كهيئتهم، ما عملناه بالنهار كفّر عنّا بالليل، وما عملناه بالليل كفّر عنا بالنهار، فكفّرهم الله تعالى، وأنزلت هذه الآية.

الحسن والضحاك وقتادة وسفيان والسّديّ: نزلت في اليهود والنصارى ممن قالوا: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ «١» وقالوا: لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى «٢» .

مجاهد وعكرمة: هو أنّهم كانوا يقدّمون أطفالهم في الصّلاة يزعمون أنهم لا ذنب لهم، فتلك التزكية. عطية عن ابن عباس: هو أنّ اليهود قالوا: إنّ آباءنا وأبناءنا توفوا، فهم سيشفعون لنا ويزكوننا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال عبد الله: هو تزكية بعضهم لبعض، وعن طارق ابن شهاب قال: سمعت ابن مسعود يقول: إن الرجل ليغدو من بيته ومعه دينه، فيلقى الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضرّا ولا نفعا، فيقول: والله إنّك لذيت لذيت، فلعله لا يخلو منه شيء، فيرجع إلى بيته وما معه من دينه شيء، ثم قرأ عبد الله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ.

بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي أي يطهّر من الذنوب مَنْ يَشاءُ [ ... ] «٣» لذلك وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا وهو ما يكون في شق النواة، وقيل: هو ما فتلته بين إصبعيك من الوسخ فيكون فعيلا بمعنى مفعول قال الشاعر:

يجمع الجيش ذا الألوف فيغزو ... ثم لا يرزأ العدوّ فتيلا «٤»

انْظُرْ يا محمد كَيْفَ يَفْتَرُونَ يحيكون عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ في تفسيرهم كتابه وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ قرأ السلميّ: (ألم تره) في كلّ القرآن، وهي لغة قوم لا يكتفون من الجزم بحذف الحرف حتى يسكنوا حركته، كقول الشاعر:

من يهده الله يهتد لا مضل له ... ومن أضل فما يهديه من هادي

يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ اختلفوا فيهما، فقال عكرمة: هما صنمان كان المشركون يعبدونهما من دون الله. أبو عبيدة: هما كلّ معبود من حجر أو مدر أو صورة أو شيطان، يدل عليه قوله: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ «٥» ، وقوله: الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها «٦» .

عطية عن ابن عباس: الجبت: الأصنام، والطاغوت: تراجمة الأصنام الذين يكونون بين


(١) سورة المائدة: ١٨.
(٢) سورة البقرة: ١١١.
(٣) بياض في مصوّرة المخطوط. [.....]
(٤) الدر المنثور: ٢/ ١٧١ وفيه: الأعادي بدل العدو، تفسير مجمع البيان: ٣/ ١٠٣.
(٥) سورة النحل: ٣٦.
(٦) سورة الزمر: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>