للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديهم يفترون عنها الكذب ليضلوا النّاس، وقيل: الجبت: الأوثان، والطاغوت: شياطين الأصنام، لكل صنم شيطان يفسّر عنها فيغترّ بها النّاس. أبو عمرو الشّعبي ومجاهد: الجبت:

السحر، والطاغوت: الشيطان. زيد بن أرقم: الجبت: الساحر، ويقال له: الجبس، قلبت سينه تاء، والطاغوت: الشيطان، يدلّ عليه قوله: الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ «١» .

قال محمد بن سيرين ومكحول: الجبت: الكاهن، والطّاغوت: الساحر، وهو رواية الوالبي عن ابن عباس. سعيد بن جبير وأبو العالية، الجبت: شاعر بلسان الحبشة، والطّاغوت:

الكاهن. عكرمة: كان أبو هريرة كاهنا في الجاهلية ممن أقرّ إليه ناس ممّن أسلم، فنزلت هذه الآية. الضحاك والكلبي ومقاتل: الجبت: حيي بن أخطب، والطاغوت: كعب بن الأشرف ودليله قوله: يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ «٢» .

حكى أبو القاسم الحسين، عن بعضهم أنّ الجبت إبليس، والطاغوت أولياؤه،

عن قطر بن قيصيه، عن مخارق عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الطرق والطيرة والعيافة من الجبت «٣» ، والجبت كلّ ما حرّم الله، والطّاغوت هو ما يطغي الإنسان» «٤» [٣٤٨] .

وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا قال المفسّرون: خرج كعب ابن الأشرف في سبعين راكبا من اليهود إلى مكة بعد وقعة أحد ليحالفوا قريشا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنزل كعب على أبي سفيان فأحسن مثواه، ونزلت اليهود في دور قريش، فقال أهل مكة: إنّكم أهل كتاب، ومحمد صاحب كتاب ونحن أمية، ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم، وإن أردت أن نخرج معك، فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما، ففعل ذلك، فذلك قوله: يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ثم قال كعب لأهل مكة:

ليجيء منكم ثلاثون ومنّا ثلاثون فلنلزق أكبادنا بالكعبة، فنعاهد ربّ البيت لنجهدنّ على قتال محمد ففعلوا ذلك، فلمّا فرغوا قال أبو سفيان: إنّك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم، ونحن أمّيون لا نعلم فأيّنا أهدى طريقا وأقرب الى الحق؟ أنحن أم محمد؟

فقال كعب: اعرضوا عليّ دينكم، فقال أبو سفيان: نحن ننحر للحاج الكرماء ونسقيهم الماء ونقري الضيف ونفكّ العاني ونصل الرحم ونعمّر بيت ربّنا ونطوف به، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق دين آبائه وقطع الرحم وفارق الحرم، وديننا القديم ودين محمد الحديث. فقال


(١) سورة البقرة: ٢٥٧.
(٢) سورة النساء: ٦٠.
(٣) مسند أحمد: ٣/ ٤٧٧، والمصنف لعبد الرزاق: ١٠/ ٤٠٣، والسنن الكبرى: ٦/ ٣٢٤، وتفسير القرطبي: ٥/ ٢٤٩. والعيافة: زجر الطير والتفاؤل بأسمائها، والطرق: الخط بخط في الأرض، وقيل:
هو الخط في الرمل، وقيل: الضرب بالحصى.
(٤) تفسير القرطبي: ٥/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>