للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث النصارى لعيسى، فأنزل الله تعالى مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فيما أمر به فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى عنه فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً أي حافظا ورقيبا.

وقال القتيبي: محاسبا، فنسخ الله تعالى هذه الآية الشريفة، وأمره بقتال من خالف الله ورسوله وَيَقُولُونَ طاعَةٌ يعني المنافقين وذلك إنهم كانوا يقولون لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إنّا آمنّا بك فمرنا من أمرك طاعة، وهم يكفرون به في السر، وقوله (طاعَةٌ) مرفوعة على معنى منّا طاعة وأمرك طاعة وكذلك قوله (لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ)

مرفوعة أي قولوا، سمعا وطاعة، وكذلك قوله فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ وليست مرتفعة إليهم بل مني مرتفعة على الوجه الذي ذكرت.

فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ أي خرجوا بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ أي زوّر وموّه وقيل هنا.

فقال قتادة والكلبي: بَيَّتَ أي غيّر وبدّل الذي عهد إليهم النبي صلّى الله عليه وسلّم ويكون السبب معنى التبديل.

قال الشاعر:

بيّت قولي عبد المليك ... قاتله الله عبدا كفورا «١»

وقال القتيبي وأبو عبيدة: (بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) أي قالوا وقدروا ليلا غير الذي أعطوك نهارا، وكل شيء قدّر بليل من شر فهو تبييت.

قال عبيدة بن الهمام:

أتوني فلم أرض ما بيّتوا «٢» ... وكانوا أتوني بشيء نكر

لأنكح أيّمهم منذرا ... وهل ينكح العبد حر بحر «٣»

وقال النمر بن تولب:

هبت لتعذلني بليل أسمعي ... سفها تبيتك الملامة فاهجعي

وقال أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش: يقول العرب للشيء إذا قدر قد بيّت، يشبهونه تقدير بيوت [الشعر] .

وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ أي ما يغيرون ويزورون ويقدرون.

الضحاك عن ابن عباس: يعني ما تسرّون من النفاق فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ يا محمد فلا تعاقبهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا أي كفيلا، وثقة، وناصرا بالانتقام لك منهم، فنسخ الله


(١) تفسير القرطبي: ٥/ ٢٨٩، وتفسير الطبري: ٥/ ٣٦٨، وفيه: قاتلك الله عبدا كنودا.
(٢) تفسير الطبري: ٥/ ٢٤٣.
(٣) تفسير القرطبي: ٥/ ٢٨٩، ولسان العرب: ٥/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>