للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ، فأفاد بذلك أن الأشهر التي يصح فيها التمتع بالعمرة إلى الحج، ويثبت حكمه فيها، هي هذه الأشهر، وأن من اعتمر في غيرها ثم حج، لم يكن متمتعا، ولم يكن له حكم التمتع.

قوله تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ «١» قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) (١٨٩) :

فاستدل بعض الحنفية، على كون جميع شهور السنة مواقيت للحج، كما كانت بأسرها مواقيت للناس، ولزمهم من هذا أن يكون الحج المطلق، عبارة عن الإحرام فقط، دون سائر الأفعال، مع أن الإحرام عندهم، ليس من الحج، بل هو شرط الحج، والذي هو الحج من طواف القدوم في غير أشهر الحج، وسعى، لم يجز إجماعا، فإذا علم ذلك، فحمل اللفظ على بعض الشهور، أولى من حمل الحج المطلق على الإحرام، الذي ليس من الحج، وإنما هو طريق إليه وشرط له، ولأن الله تعالى لم يرد جعل الأهلة ميقاتا للحج، باعتبار كونها أهلة، فإن الإحرام ليس يتعين له أول الشهر، ولا المواقيت أيضا، وإنما الأهلة عبارة عن جملة الشهر، فإن السائل سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم على ما أجمع عليه أهل التفسير وقال: يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو مستدقا، ثم ينمو حتى يتكامل ثم ينقص.

وكان السؤال من معاذ بن جبل رضي الله عنه، عن زيادة القمر ونقصانه، فأخبر الله تعالى أن الحكمة في زيادته ونقصانه، زوال الالتباس


(١) الأهلة جمع هلال، سمي بذلك لارتفاع الأصوات بالذكر عند رؤيته لأن الإهلال رفع الصوت، والهلال في الحقيقة واحد، وجمعه باعتبار أوقاته واختلافه في ذاته، قال جمهور اللغويين: ويقال له هلال لليلتين، وقيل لثلاث ثم يكون قمرا.