للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمس، فخالفهم النبي عليه السلام، ودفع من عرفات بعد الغروب، ومن المزدلفة قبل طلوع الشمس، فرأى أن خاصية الشريعة في مراغمة الكفار في عاداتهم، والمراغمة إنما تحصل بالوقوف ليلا..

والذي قالوه، لا يقتضي أن يكون فرضا، بل يجوز أن يكون ندبا، فإثبات الوجوب على هذا المعنى لا وجه له.

وقوله تعالى: (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) ، ولم يختلف العلماء في أن المشعر الحرام هو المزدلفة، ويسمى جمعا أيضا، والذكر الثاني في قوله تعالى: (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) ، هذا الذكر المفعول عند المزدلفة غداة جمع، فيكون الذكر الأول غير الثاني، والصلاة تسمى ذكرا لقوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) «١» .

فيجوز أن يفهم منه تأخير صلاة المغرب، إلى أن تجمع مع العشاء بالمزدلفة، وتواترت الأخبار في جمع النبي عليه السلام بين المغرب والعشاء بالمزدلفة.

واختلف فيمن صلّى المغرب قبل أن يأتي المزدلفة، فالشافعي وأبو يوسف يجوزان، وأبو حنيفة ومحمد لا يجوزان.

فأما الوقوف بالمزدلفة فليس بركن عند أكثر العلماء، وقال الأصم وابن علية: إنه ركن، وقوله عليه السلام: الحج عرفة.

ومن وقف بعرفة قبل أن يطلع الفجر، فقدتم حجه بإدراك عرفة، ولم يشترط معه الوقوف بجمع.


(١) سورة طه آية ١٤ وتمامها: (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) .