للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعذر ذلك، وقيل: الثلاثة ها هنا مثل الواحدة في الاستبراء، فليكن العدد المعتبر في العدة الكاملة من جنس ما اعتبر في الاستبراء، وليكن العدد عددا يزيد في الدلالة من جنس الأصل، والطهر لا دلالة فيه، فاعتبار العدد من الطهر لا معنى له، فعدد الثلاثة يجب أن يوجد من الحيض، فإذا شرعت في الحيضة الثالثة فليقل: يعتبر تمام دلالة هذه الثالثة، كما دلت الحيضتان من قبل، فاعتبار العدد من الطهر الذي لا دلالة لأصله مما وجه له.

وربما قالوا: الحمل إذا ظهر كان أولى من الحيض، لأن الوضع أقوى «١» من الحيض، فتفاوت ما بين الحيض والطهر، كتفاوت ما بين الحيض والحمل، ثم الحمل أصلا فليكن الحيض أصلا.

الجواب: أن الذي قالوه ليس كلاما في مقتضى اللفظ، وإنما هو قياس في معاني الفقه، وليس الكلام فيه، وإنما الكلام في اللفظ، وهو أن الله تعالى إذا قال: يتربصن ثلاثة انتقالات، وعرفنا أنه لم يرد به الانتقالات كلها من الحيض إلى الطهر، ومن الطهر إلى الحيض، فإن ذلك يزيد على الثلاثة، فعرفنا أنه إنما عنى به الانتقال الذي هو من الطهر إلى الحيض.

فهذا ما فهمناه من اللفظ، وجاز مع ذلك أن يقترن بالعدة قصدان وراء براءة الرحم، كالاختلاف بالحرية والرق، ووجوبها إلى سن اليأس، في حق التي انقطع حيضها لعلة، وغير ذلك من المسائل، فإذا ثبت ذلك لم يرد عليه كل ما قالوه.

ودل على ما قلناه، أن الله تعالى قال: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) «٢»


(١) أي أن ظهور الحمل أقوى في الاستدلال.
(٢) سورة الطلاق آية ١.