للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال صلّى الله عليه وسلم لعمر حين طلق ابنة امرأته وهي حائض: مره فليراجعها حتى تحيض ثم تطهر ثم يجامعها وليدعها حتى تطهر ثم ليطلقها إن شاء، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.

وذلك إشارة إلى الطهر فدل أن العدة «١» الطهر، وأمر بإحصاء العدة عقيب الطهر، فليكن المحصي بقية الطهر.

وأبو حنيفة لا يرى ذلك أصلا، ولا يحصي عقيب الطلاق شيئا.

وقوله تعالى: (لِعِدَّتِهِنَّ) لا يجوز أن يريد به عدة ماضية قبل الطلاق، كما يقال: «صوموا لرؤيته» «٢» أي لرؤية ماضية ...

فإن قيل: الطلاق ليس بعدة بالاتفاق، ولا يخطر ببال عاقل أن يقول: قوله عليه السلام لعمر: «حتى تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق فتلك العدة» ، معناه: فتلك العدة الماضية، أعني الحيضة الماضية، أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء، فإذا كان الطلاق في الطهر والانتقال منه إلى الحيض، فتقدير الكلام:

إذا طلقتم النساء يتربصن بعد الطلاق السنى البدعي «٣» ثلاثة انتقالات:

أولها: الانتقال مما سن الطلاق فيه، وذلك لا يكون إلا الطهر، وهذا بين ظاهر في تحقيق مذهب الشافعي من معنى الآية.

فإن قيل: العدة وأحكامها ثابتة في حالتي الطهر والحيض، فما معنى قوله تعالى لعدتهن؟


(١) أي على أن ابتداء العدة طهر فمجموعها أطهار. [.....]
(٢) رواه أحمد والشيخان والترمذي والنسائي.
(٣) لعل «البدعي» زائدة.