للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ) (٢٢٩) .

فأباح لهما التراجع بعد التطليقة الثالثة، بشريطة زوال ما كانا عليه من الخوف، لترك إقامة حدود الله تعالى، لأنه جائز أن يندما بعد الفرقة ويحب كل واحد منهما أن يعود إلى الألفة.

فدل ذلك على أن هذه الثالثة مذكورة بعد الخلع.

وزعموا أن قوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ) ، يبعد أن يرجع إلى قوله: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ، لأن الذي تخلل من الكلام يمنع بناء قوله: (فَإِنْ طَلَّقَها) ، على قوله: (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ، بل الأقرب عوده إلى ما يليه كما في الاستثناء، بلفظ التخصيص أنه عائد إلى ما يليه ولا يعود إلى ما تقدمه إلا بدلالة، كما أن قوله تعالى:

(وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) «١» .

صار مقصورا على ما يليه، غير عائد إلى ما تقدمه، حتى لا يشترط الدخول في أمهات النساء.

وذكروا أن هذا أبعد من ذلك، فإن عطفه على ما يليه وما تقدمه، أقرب من إخراج ما يليه بالكلية وترك العطف عليه «٢» .

وهذا الذي توهمه هؤلاء باطل، فإن قوله: (فَإِنْ طَلَّقَها) ، ليس يدل على الثالث، إلا بتقدير عطفه على عدد مذكور قبله.


(١) سورة النساء آية ٢٣.
(٢) راجع الأحكام للجصاص.