للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسرحها بإحسان، فإن الله تعالى إنما خيره بين شيئين لا ثالث لهما، فإذا عجز عن أحدهما تعين الثاني» اهـ.

فظن بعض الجهلة، أن العاجز ممسك بمعروف، إذ لم يكلف الانفاق في هذه الحالة، وهذا جهل وحمق، فإن العاجز إنما لم يكلف ما عجز عنه، ونحن لا نكلفه النفقة، إلا أنا نقول:

إذا عجز عن الإمساك بالمعروف، فالتسريح بالإحسان مقدور.

نعم إذا قدر على نفقة المعسرين فلينفق مما آتاه الله.

ويدل عليه أن العلماء قالوا: إذا عجز عن الانفاق على عبده أو أمته يقال له: بع عندك أو أمتك، لا على معنى أنا نكلف العاجز، ولكن إن عجز عن النفقة، فلم يعجز عن البيع.

وإمساك العبد بالمعروف ليس منصوصا عليه، وإنما هو مفهوم من النكاح، فالنكاح بذلك أولى.

قوله: (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً) .

بيان النهي عن تطويل العدة عليها بالمراجعة، إذا قارب انقضاء العدة راجعها، فأمر الله تعالى بالإمساك بالمعروف، ونهاه عن مضارتها بتطويل العدة عليها.

وقوله: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) «١» (٢٣١) .

يدل على أن الرجعة تنعقد «٢» على هذا الوجه، ويكون بذلك ظالما، ولو لم يثبت التطويل به ما كان ظالما، وكانت رجعته لغوا لا حكم لها.

وقوله تعالى: (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً) «٣» (٢٣١) .


(١) ظلم نفسه: بتعريضها لسخط الله عليه ونفرة الناس منه.
(٢) في الأصل تتعد وعند الجصاص: دل على وقوع الرجعة.
(٣) أي مهزوا بها بأن تعرضوا عنها وتتهاونوا في المحافظة عليها.