الأصول، إلا أن الشرع رأى ذلك لمصلحة إحياء الحقوق وخوفا من ضياعها، ولأجل ذلك كانت الشهادة من فروض الكفايات كالجهاد، فإذا لم يكن من أهل الخطاب بالجهاد، ولو حضر وقاتل لم يسهم له، وجب ألا يكون من أهل الخطاب بالشهادة، ومتى شهد لم تقبل شهادته، ولم يكن له حكم الشهود، كما لم يثبت له حكم المجاهد، وإن شهد القتال في استحقاق السهم.
ولما أثر نقص لأنوثة في منصب الولاية، سلب استقلال المرأة بالشهادة، إلا أن يكون معها رجل.
فإثبات استقلال العبيد بالشهادة إيفاء «١» رتبتهم على رتبة النساء، فإن كان كذلك، فلتكن رتبتهم موفية على رتبتهن في الولاية، والأمر بالعكس من ذلك، وذلك يدل على سقوط رتبة الشهادة في حق العبيد.
نعم يقبل خبر العبيد على الانفراد وخبر النسوة كمثل، لأن طريق قبول الخبر شيء، وطريق قبول الشهادة شيء، فليس يتعلق بالخبر دعوى واستحضار لأداء الشهادة، ويتعلق ذلك بالشهادة.
فالذي يروي الخبر، يخبر عما علمه، سواء استشهد أو لم يستشهد، وليس يتعلق قبوله بحاكم ومجلس حكم، وإنما سبيله إخبار عن شيء شاهده إن كان قد شاهده.
وأما الشهادة، فسبيلها سبيل إيجاب حق على ممتنع باستحضار واستدعاء، ولا يتأتى ذلك للعبد على ما بيناه من قبل.
وقد نقل عن علي رضي الله عنه إجازة شهادة الصبيان، وذلك لم يثبت عنه، مع أن قوله (مِنْ رِجالِكُمْ) لا يتناوله.