ولا يقبل خبره أيضا، ولا يلزم بخبره حكم، فإن عدالته غير ثابتة، ولا أنه بالمعاصي يأثم، فلا عبرة بقوله.
وكيف يوثق بقول من يعلم أنه لو كذب فلا يؤاخذ بالكذب «١» ، ولا تبعة عليه في الآخرة؟
ودلت الآية على أن الأعمى من أهل الشهادة فإنه من رجالنا، ولكن إذا علم يقينا، مثل ما روى ابن عباس قال:
سئل النبي صلّى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال: ترى هذه الشمس فاشهد على مثلها أو دع.
وذلك يدل على اشتراط معاينة الشاهد لما يشهد به، لا من يشهد بالاستدلال الذي يجوز أن يخطئ.
نعم يجوز له وطء امرأته إذا عرف صوتها، لأن الإقدام على الوطء جائز بغالب الظن، فلو زفت اليه امرأة وقيل هذه امرأتك، وهو لا يعرفها جاز له وطؤها.
ويحل له قبول هدية جاره بقول الرسول.
ولو أخبر مخبر عن زيد بإقرار أو بيع أو قذف أو غصب، لما جاز له إقامة الشهادة على المخبر عنه، لأن سبيل الشهادة اليقين والمشاهدة، وفي غيرها يجوز استعمال غالب الظن، ولذلك قال الشافعي وابن أبي ليلى وأبو يوسف: إذا علمه قبل العمى جازت له الشهادة بعد العمى، ويكون العمى الحائل بينه وبين المشهود عليه، كالغيبة والموت في المشهود عليه، فهذا مذهب هؤلاء.
(١) يقصد بذلك أن الصبي معفو عنه حتى يبلغ سن التكليف لحديث «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر» . رواه أحمد، وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها.