للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس فيه فرق بين القروي في الحضر أو في السفر، ومتى كان في السفر فلا خلاف في قبوله.

وروى عكرمة عن ابن عباس، أنه شهد أعرابي عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم على رؤية الهلال، فأمر بلالا أن ينادي في الناس فيصوموا غدا «١» .

فقبل شهادة الأعرابي وأمر الناس بالصيام.

وجائز أن يكون خبر أبي هريرة في وقت كان الشرك والنفاق والتساهل في أمر الدين غالبا على أهل البادية، كما قال تعالى:

(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ) «٢» .

فإنما منع قبول شهادة من هذه صفته من الأعراب.

وقد وصف الله تعالى قوما آخرين من الأعراب فقال:

(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) «٣» الآية. فمن كانت هذه صفته فبعيد أن لا تقبل شهادته، مع قبولها على البدوي الآخر المماثل له، وقبولها على القروي في السفر.

قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) «٤» من رجالكم فإن


(١) رواه ابن ماجة رقم: ١٦٥٢، ورواه أبو داود في باب شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان.
(٢) سورة التوبة آية ٩٨.
(٣) سورة التوبة آية ٩٩.
(٤) أي شاهدان لأن الشهيد والشاهد واحد، كما أن عليم وعالم واحد، وقادر وقدير واحد، قاله الجصاص.