للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الفرض على الكفاية، أنه لا يجوز للكل الامتناع منه لما فيه من إبطال الوثائق وضياع الحقوق، ولا يتعين فرضه على كل أحد، فإنه لا خلاف أنه ليس على كل أحد من الناس تحملها، هذا أصل في فروض الكفايات الواجبة على الكافة، إلا أنهم إذا أدى بعضهم سقط عن الباقين، فإذا لم يكن في الكتاب إلا شاهدان، فقد تعين الفرض عليهما متى دعيا لإقامتهما بقوله: (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) .

وقال تعالى: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) (٢٨٣) .

وقال تعالى: (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) «١» .

وقال: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) «٢» .

وإذا كان عنهما مندوحة بإقامة غيرهما فقد سقط الفرض عنهما «٣» لما وصفناه.

قوله تعالى: (وَلا تَسْئَمُوا «٤» أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) يعني القليل الذي يعتاد تأجيله، ومعلوم أنه لم يرد به القيراط والدانق، إذ لا يعتاد المداينة بمثله إلى أجل.

وقوله (إِلى أَجَلِهِ) يعني إلى محل أجله، فيدل ذلك على أنه يكتب الأجل في الكتاب ومحله، كما يكتب أصل الدين.


(١) سورة الطلاق آية ٢.
(٢) سورة النساء آية ١٣٥.
(٣) في نسخه: فيهما.
(٤) أي لا تملوا ولا تضجوا.