الشرع، ومقدار أجرة عمله مأخوذ من العادة، وأما الربح فهو نتيجة الشرط وليس أجرة عمله، وهو على قدر الشرط، وأي قدر شرطه العامل الوصي لنفسه من الربح، فهو متحكم فيه، وإنما الشرط للعامل من جهة رب المال، وإلا فالواجب أجر المثل في القراض الفاسد، وهاهنا إذا لم يكن أجر المثل مع أنه أقرب، فالتحكم بالتقدير من جهة العامل كيف يحتمل، والربح أبعد عن الاستحقاق، فإن الربح زيادة على عين مال اليتيم، والزيادة تبع المزيد عليه، وليس للوصي في مال اليتيم حق.
وأما الأجرة: ففي مقابلة العمل، والعمل حق للوصي، وأنه من منفعة فهو أولى ببذلها، فلا وجه لمذهب أبي حنيفة، والعمومات التي ذكرناها من قبل محكمة في إبطال التصرف في مال اليتيم بطريق القراض وغيره.
فإن قال من ينصر مذهب السلف، إن القضاة يأخذون أرزاقهم لأجل عملهم للمسلمين، فهلا كان للوصي كذلك، إذا عمل لليتيم ولم لا يأخذ الأجرة بقدر عمله؟
قيل له: اعلم أن أحدا من السلف لم يجوز للوصي أن يأخذ من مال الصبي مع غنى الوصي، بخلاف القاضي، فذلك فارق بين المسألتين.
وبعد: فالذي يفصل بينهما من طريق المعنى يقول:
إن الرزق ليس كأجرة الشيء، وإنما هو شيء جعله الله تعالى لكل من قام بشيء من أمور الإسلام، فللمقابلة بينهم من مال الله تعالى، وللفقهاء سهم، مع أنهم لم يعملوا شيئا يستحقون عليه الأجرة، لأن اشتغالهم بالفتوى وتفقيه الناس، فرض لا يؤخذ عليه أجر، وكذلك الخلفاء لهم سهم من مال الله تعالى، وقد كان للنبي صلّى الله عليه وسلم سهم من الخمس والصفي