للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمكن أن يكون مأخوذا من الكلال وهو الإعياء، ومنه قولهم:

مشى حتى كل: أي بعدت المسافة فطال سيره حتى كل. وكلّ البعير إذا طال الطريق حتى أعيا، وكلّ السيف إذا طال الضرب به، وكلت الرحم إذا ضعفت فطال نسبه، فتكون الكلالة من بعد النسب وبعد القرابة.

وقيل: أخذ من الإكليل المحيط بالرأس.

وروي عن عمر في الكلالة بعد النسب وبعد القرابة روايتان مختلفتان، فتارة لا يجعل الوالد كلالة، وتارة كان يجعله كلالة.

وردّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على عمر لما سأله عن الكلالة إلى آية الصيف «١» .

ولا شك أن عمر لا يخفى عليه معنى الكلالة من جهة اللغة، وذلك يدل على أن معنى الكلالة شرعا غير مفهوم من الإسم لغة، ولذلك لم يجب رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمر عن سؤاله في معنى الكلالة، ووكله إلى استنباطه.

وفي ذلك دليل على جواز تفويض الإجماع إلى آراء المستنبطين، كما فوضها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى رأي عمر.

وفيه دلالة على بطلان قول من يقول: لا يجوز استنباط معاني القرآن، فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ «٢» » ،


(١) أخرج مالك ومسلم وابن جرير والبيهقي عن عمر قال: ما سألت النبي صلّى الله عليه وسلم عن شيء أكثر ما سألته عن الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء..
راجع الدر المنثور فيما ورد من الروايات في ذلك.
(٢) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وحسنه السيوطي لاعتضاده.