للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن ذلك إنما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلم فيمن قال فيه بما سنح في وهمه، وخطر على باله، من غير استدلال عليه بالأصول، وإن من استنبط معناه بحمله على الأصول المحكمة المتفقة فهو ممدوح.

بقيت ها هنا دقيقة أخرى وهي خاتمة النظر، وذلك أن الجد من حيث كان أصل النسب خارج عن الكلالة كالأب والابن، وعليه بنى العلماء سقوط أولاد الأم به، لأن الله تعالى شرط في ميراثهم عدم الولد والوالد، وفقد الأصل والفرع، ولا يتحقق ذلك مع الجد، وموضع اشتقاق الكلالة يقتضيه أيضا.

ولأجل ذلك قلنا إن آية الصيف تدل أيضا على أن الجد خارج، فإن الله تعالى شرط في وراثة الأخت نصف التركة أن تكون كلالة، فلا جرم لا ترث النصف مع الجد ولا الأخ يرثها مع الجد بل يقاسمها، والله تعالى إنما شرط الكلالة في استحقاق النصف فقط وذلك مشروط بعدم الجد.

ويدل عليه أن الكلالة لا تتناول البنت، والأخت ترث مع البنت، إلا أنها لا ترث على الوجه المذكور في آية الصيف وهو النصف، وإنما ترث الباقي من نصيب البنت، فهذا تمام معنى آية الكلالة، وقد وردت في آية الصيف عدة أخبار تركنا ذكرها للاستغناء عنها في فهم معنى الآية.

ومما استنبطه العلماء من آية الكلالة بعد فهم معناها مسألة المشركة «١» ، وقد اختلف فيها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فروي عن علي إسقاط أولاد الأب والأم، وروي عن زيد التشريك «٢» .


(١) المشركة كمعظمة ويقال المشتركة زوج وأم وأخوان لأم وأخوان لأب وأم، (راجع القاموس المحيط) . [.....]
(٢) أخرج أحمد بسند جيد عن زيد بن ثابت أنه سئل عن زوج وأخت لأب وأم فأعطى الزوج النصف والأخت النصف، فكلم في ذلك فقال: حضرت النبي صلّى الله عليه وسلم قضى بذلك.
(الدر المنثور) .