للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شك أن ظاهر قوله تعالى: (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) ، يتناول أولاد الأم جملة، وقوله: (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) «١» ، يتناولهم من جهة الأب لا من جهة الأم، فتعين الجمع بين الاثنتين، فمتى أمكن التوريث بقرابة الأبوة، وجبت مراعاتها لقوله تعالى: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) «٢» ، معناه يرثها بقرابة الأبوة، وإن لم يكن التوريث بقرابة الأبوة، وجب اتباع ظاهر قوله: (فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) ، فأخذنا حكم التشريك والتعصيب من الآيتين الواردتين في حق الكلالة، وذلك بيّن نعم إذا فرضنا زوجا وأما، وأخا من أم، وإخوة من أب وأم، فلولد الأم السدس، والسدس الباقي بين أولاد الأب والأم، لأن قوله تعالى: (وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) «٣» ، ينفي التوريث بالفرض ما أمكن التوريث بالعصوبة، فإذا أمكن توريث بالعصوبة، وجب اتباع الآية الأخرى.

ومن يخالف هذا المذهب يقول: إنما جعل الله تعالى الإخوة شركاء في الثلث مبنيا على قوله تعالى: (فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ، ولا يتصور استحقاق السدس ها هنا، فتقدير الآية: للواحد السدس وللإثنين الثلث، ولا يتصور ذلك في ولد الأب والأم، فعند ذلك يضعف التعليق بالظاهر من حيث الاسم، ويبقى التعليق من حيث المعنى، وهو أنه لما جعلت قرابة الأمومة مورثة، وقد وجدت العلة المورثة في حق الأب والأم، فينجر الكلام عند ذلك إلى طريق المعنى.


(١) سورة النساء آية ١٧٦.
(٢) سورة النساء آية ١٧٦.
(٣) سورة النساء آية ١٧٦.