للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ، مع أن نكاحها مكروه، فهذا يدل على بطلان التأويل قطعا.

إذا تمهد هذا الأصل، فيبقى بعده النظر في أن الشافعي رضي الله عنه يجوز للعبد نكاح الأمة مع الحرة، وقوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا) ، عام في الجميع.

فقال الشافعي رضي الله عنه: لا طول للعبد «١» .

فقيل له، إذا كانت الحرة تحته فهو مستطيع؟

فقال: النكاح لا يسمى طولا، فإنما جعلنا نكاح الحرة في حق الحرة مانعا لا بحكم الآية «٢» ، لا سيما ومساق الآية يدل على الاختصاص، فإنه تعالى قال: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) فاعتبر إذن أهلهن ولم يتعرض لإذن المولى في حق المتزوج، فدل أن الآية للأحرار.

فكأنا نتعلق بالعموم في قوله: (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) «٣» الآية. إلا فيما استثنى، والاستثناء بالشرط وقع في حق الحرة، فبقي العبد على الأصل في العموم، وهذا واضح فاعلمه.

ولما لم يكن اللفظ متناولا لنكاح الأمة عند إدخال الحرة على الأمة، لا جرم قال الشافعي رضي الله عنه:

إن الله تعالى جوز نكاح الأمة لخوف العنت، ولم يكن هذا الخوف


(١) انظر الشافعي، ج ٥، ص ٨. [.....]
(٢) لأن العبد قد يزوجه سيده حرة، ولا يدل ذلك على أنه واجد للطول، والآية تجعل زواج الأمة مقيدا بعدم وجود الطول.
(٣) سورة النور، آية ٣٢.