للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نسخا محرما من الابضاع في شيء من أصول الشرع، فكان هذا خاصا في هذا الحكم، فلم يكن لنا أن نتوسع في الاعتبار، فإذا صار هذا المعنى مانعا ابتداء النكاح، فلا يمكن أن يجعل على خصوصه، وخروجه عن أصول الشرع، قاطعا دوام النكاح الذي هو أثبت من الابتداء، بل يقتصر على ما ورد «١» ، ولا يتعدى، كما اقتصرنا على الحر ولم نتعده، وليس يتبين لنا أن العبد مثل الحر في هذا المعنى الدقيق المتعلق بالتفصيل، ويترقى الكلام في هذا التفصيل والتصرف في غوامض هذه المراتب إلى أعلى الغايات في الدقة، والمتأمل يعرف به بعد غور الشافعي، ولطف نظره في مغمضات الأصول ومآخذ الأحكام، والله تعالى يوفقنا للوقوف على معاني كلامه.

قوله تعالى: (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) «٢» : دليل على اشتراط الإذن في نكاحها، والرازي يسلم ذلك «٣» .

واحتج بأن جعله شرطا، وترك لأجله العمومات في نكاح العبد والحر، وما أسرع ما نسي سابق قوله: فإن تخصيص الإباحة بحال وشرط لا يدل على نفي ما عداه، ثم قال: ما نعلم أحدا استدل به قبل الشافعي، ثم قال: ولو كان هذا دليلا لكانت الصحابة أولى بالسبق إلى الاستدلال به في هذه المسألة ونظائرها من المسائل، مع كثرة ما اختلفوا «٤» فيه، ثم على قرب العهد بهذا الكلام استدل بمثله، وقد روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم في عموم الأحوال أنه قال:


(١) أنظر الشافعي.
(٢) أي وإليهن لا استقلالا، وذلك لأن منافعهن لهم يجوز لغيرهم أن ينتفع بشيء منها الا باذن من هي له. انظر تفسير القرطبي.
(٣) انظر أحكام القرآن للجصاص، ج ٣، ص ١١٩.
(٤) انظر أحكام القرآن للجصاص، ج ٣، ص ١١٣.