عدم الماء، وهو الشرط لا السفر؟ وهذا لا جواب عنه فاعلمه، ولأن الله تعالى قال:(حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) ، فأحال المنع على عدم العلم بالقول، والسكران الطافح في سكره، المغشى عليه، تمتنع الصلاة، عليه، لأنه لا يعلم ما يقول، بل لأنه محدث غير طاهر، ولا ساجد ولا راكع ولا ناو، فدل أن الامتناع إنما نشأ من القول فقط، وذلك على الوجه الذي قلناه في تنزيه المسجد عن هجر القول والخنا في المنطق، ومن أجل ذلك بطل تأويل من حمل السكر على النوم، لأن النائم لا يصلي، ولا يتصور منه الصلاة مع النوم، ولا طهارة مع النوم.
وبالجملة، كل ما اعترضنا به على الفصل الأول، فهو متوجه ها هنا فاعلم.
فإن قيل: سبب نزول هذه الآية، ما روي عن علي رضي الله عنه أنه دعا رجل من الأنصار قوما فشربوا من الخمر، فتقدم عبد الرحمن ابن عوف لصلاة المغرب فقرأ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ، فالتبس عليه فأنزل الله تعالى:
(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) .
والجواب أن المراد به ما قلناه، فإنه إذن التبس عليه، وتلا بداخل المسجد، حتى تكلم بما لا يجوز، وإلا فالصلاة واجبة في تلك الحالة قطعا، والذين منعوا اجتياز الجنب في المسجد، عرفوا أن كثيرا من السلف حملوا الآية على ما قلناه، وإن كان منهم من خالف.
قال: ومذاهب السلف مستقصاة في كتب الائمة، وليس ذكرها متعلقا بغرضنا، إلا أن منهم من تعلق بما روي عن جسرة بنت دجاجة أنها قالت: «سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: