للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، ثم دخل ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تنزل لهم رخصة، فخرج إليهم بعد فقال: وجهوا هذه البيوت فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» «١» .

قال: فأمرهم بتوجيه البيوت الشارعة في المسجد، صيانة للمسجد عن اجتياز الجنب، لأنه لو أراد القعود، لم يكن لقوله «وجهوا هذه البيوت فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» معنى، لأنه القعود منهم بعد دخول المسجد، لا تعلق له بكون البيوت شارعة إليه، فدل أنه إنما أمر بتوجيه البيوت، لئلا يضطروا عند الجنابة إلى الاجتياز في المسجد، إذا لم يكن لبيوتهم أبواب غير ما هي شارعة إلى المسجد.

والاعتراض على هذا، أن الخبر لا يجوز أن يثبت، فإن الغالب من أحوالهم المنقولة، أنهم كانوا يغتسلون في بيوتهم، ولأن المنع من المرور لو كان المقصود، ولم يتأت لهم الاغتسال في بيوتهم، لقال لهم:

اتخذوا أبوابا تجتازون منها للاغتسال.

ويدل عليه أنه لو كان باب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، لأفضى إلى المسجد وأبواب حجر نسائه، وباب أبي بكر، وباب عليّ، وقال:

«سدوا هذه الخوخات «٢» غير خوخة أبي بكر وعليّ» .

وعلى أن الذي ذكره هذا القائل، تسليم منه لجواز ذلك من قبل، ويدعى نسخا لا يصح وقوع النسخ به.

قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ)


(١) رواه ابو داود، وأشار اليه مسلم في صحيحه.
(٢) رواه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل اصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم.