للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسبب الأصلي للجنابة الجماع، والحدث خروج الخارج من السبيلين والنوم وزوال العقل حدث، بناء على توهم خروج الخارج، فرجع إليه، وفي حق الرجل، السبب الأصلي الجماع، وخروج المنى ملحق به، فهذا لا يحتاج إلى تقديم وتأخير، بل يكون الكتاب مبينا حكم الطهارتين عند وجوب السبب المطلق، ومبينا تفصيل السببين على الوجه الأصلي، وهذا حسن بين.

ويدل على أنه لا حاجة إلى التقديم والتأخير، أنه إذا أمكن التقديم والتأخير في آية الطهارة المذكورة في سورة المائدة، فلا يمكن ذلك في قوله تعالى: (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً) «١» .

ثم قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) .

وليس الذي تقدم ها هنا مما سن به نسق الخطاب في التقديم والتأخير، ولأجل ذلك روى الأعمش عن أبي وائل، قال: كنت جالسا مع أبي موسى وعبد الله بن مسعود فقال أبو موسى:

أرأيت لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا، يتيمم ثم يصلي؟

فقال عبد الله: لا يتيمم، وإن لم يجد الماء شهرا، ثم ذكر له حديث عمار «٢» فرجع عنه، وذكر أنه لم يرجع، وقال: إن عمر لم يقنعه قول عمار، وذكر أنه لو رخصنا لهم في ذلك، استثقلوا الاغتسال عند وجود الماء وقنعوا بالتيمم.


(١) سورة النساء آية ٤٣.
(٢) انظر كتاب الطهارة لأبي داود، باب التيمم.