للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أتلف بهيمة فعليه ضمانها، لا يفهم منه المساواة في المقدار ولا التفاوت، وإنما ذلك معلوم من بيان آخر، وهذا لا ريب فيه.

نعم ذكر الله تعالى تحرير الرقبة في ثلاثة مواضع، ولم يذكر الدية في قوله: (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) «١» ، فاحتمل أن يقال الدية تجب وتكون لبيت المال، ولكن الله تعالى إنما ذكر في الموضعين الدية المسلمة إلى أهله، فإذا لم يكن له وارث مسلم ولكنه مسلم، فإذا قتل فلا دية لأهله، فلم يذكر الدية لأهله لذلك.

وذكر ذاكرون تأويلا آخر فقالوا قوله:

(فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) .

إنما كان في صلح النبي صلّى الله عليه وسلم أهل مكة، لأنه من لم يهاجر لم يورث لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة، قال الله تعالى:

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) «٢» .

فلم يكن لمن لم يهاجر ورثة من المسلمين يستحقون ميراثه، فلم تجب الدية ثم نسخ ذلك بقوله:

(وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) «٣» .

والشافعي رضي الله عنه يقول: إذا قتل مسلما في دار الحرب في


(١) سورة النساء آية ٩٢.
(٢) سورة الأنفال آية ٧٢.
(٣) سورة الأنفال آية ٧٥.