للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) «١» . ومعناه فأفطروا فإنه إذا أفطر فعدة من أيام أخر. وهاهنا لو جرى الإضمار صح، فلا يستقيم ما ذكروه، فأما بعد الحنث، فلا تكون الكفارة كفارة اليمين على موجب أصلهم، وإنما يجوز أن يضاف الحكم إلى سببه، أو إلى سبب سببه، مثل القتل مضاف إلى الشرك عندنا، وعندهم هو مضاف لفظا، وإن كان متعلقا بالحرب، لأن الشرك يدعو إليه ويبعث عليه، فكان الشرك مولدا للحرب ومقتضيا له، فحسن إضافة الحكم إلى سبب السبب.

فأما اليمين عندهم، فليست سبب الكفارة ولا سبب السبب، فإن اليمين تضاد الحنث وتمنع منه، والحنث نقض اليمين، فكيف يعقل إضافة الكفارة إلى اليمين، وليست هي سببا ولا سبب السبب.

والإضافة إما أن تكون بطريق الحقيقة أو بطريق المجاز، فأما الحقيقة، فمثل قولنا زكاة المال، والمجاز مثل قولهم يقتل الكافر لكفره، وإن كان القتل عندهم للقتال، ولكن الكفر يدعو إليه، فلتكن الإضافة فيما نحن فيه جارية على أحد الوجهين، فإذا لم يوجد وجه من الارتباط لا مجازا ولا حقيقة، تطلب الإضافة من كل وجه، وهذا في غاية الوضوح.

قوله تعالى: (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ) «٢» ، وليس فيه تقدير شيء معلوم.

ورأى الشافعي أن لكل مسكين مدا من طعام.

ورأى أبو حنيفة مدين، وذلك ملتقى من التوقيف المأثور عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وليس الشروع فيه من معاني القرآن «٣» .


(١) سورة البقرة آية ١٨٤.
(٢) سورة المائدة آية ٨٩.
(٣) انظر تفسير القرطبي.