للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتل العمد والزنا في رمضان والقتل بالمثقل، وإن لم يرفع الوزر قبل التوبة بمجرد الكفارة، فاعلمه، وإنما الكفارة لأجل جبر صفة الحنث الحاصلة في الأيمان، والشافعي رحمه الله تعالى لما رأى الكفارة متعلقة بصفة الحنث الراجعة إلى اليمين، لا جرم رأى الكفارة متعلقة باليمين، ورآها سببا فيها فقال: تقديم الكفارة على الحنث جائز، لأن اليمين سبب، فلذلك قال: (فَكَفَّارَتُهُ) وقال: (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) .. «١» ،

وقوله: (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) ، معناه وذلك نتيجة أيمانكم، ومعقول أيمانكم، والمتعلق بها.. ولا فرق بين أن يقول: (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) وبين أن يقول: «ذلك حكم أيمانكم» إذا كانت الكفارة حكما ولا حكم سواها.

قوله: (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) «٢» ، معناه ذلك حكم أيمانكم، ولو قال ذلك حكم أيمانكم، عرف منه أن اليمين سبب، وكذلك إذا قال: «ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم» .

وأبو حنيفة يقول: قوله (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ) ، فيه إضمار الحنث ومعناه: ذلك كفارة أيمانكم إذا حنثتم، وهذا غلط منه، فإذا حنث عندهم فليست الكفارة كفارة اليمين، وإنما الكفارة كفارة الحنث في تناول المحرم، فلا تضاف الكفارة إلى اليمين عندهم أصلا، سواء حنث أو لم يحنث.

والذي يقال فيه من الإضمار صحيح، فإنه قال: (فَمَنْ كانَ


(١) سورة المائدة آية ٨٩.
(٢) انظر تفسير القرطبي.