للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخاطئ على العامد هاهنا، وقد قال تعالى: (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) ، ولا يمكن ذلك في حالة النسيان، وتكلف الرازي فروقا بينهما، فقال: في العمد تولى الله بيان حكمه، وفي الخطأ تولى الله بيان حكمه، فلم يجز قياس منصوص على منصوص.

وهذا جهل مفرط، فإن الله تعالى بين حكم العمد فيما يتعلق بالآخرة، وسكت عن ذكر الكفارة، فإن كان السكوت عن ذكر الكفارة دليل على نفي المسكوت عنه، فهلا كان ذكر العمد دليلا على نفي الحكم في المسكوت عنه وهو الخطأ، بل أولى، فإن قوله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) «١» ، أبان اختصاص الجزاء بالعمد، وإن ذلك المذكور لا يتعلق بالخطإ، فإن قال ومن قتله منكم متعمدا، وجب أن يختص حكم الجزاء بالعمد ولا يشركه الخطأ. فاعلم. وذكر فرقا آخر فقال: إن العمد لم يخل من إيجاب القود الذي هو أعظم من الكفارة، ومتى أخلينا «٢» قاتل الصيد خطأ من إيجاب الجزاء أهدرنا، وذلك بعيد، وإبطال لحرمة الصيد.

فيقال: إن القصاص الواجب للآدمي، لا يسد مسد الكفارة، وقد يجب القصاص، ولا كفارة مثل قتل الأب ابنه والسيد عبده، وقوله إنا لو لم يوجب الجزاء في الصيد أهدرنا، إنما كان يستقيم أن لو وجب الجزاء بدلا عن الصيد. وعنده أنه ما وجب بدلا، وإنما وجب عقوبة على الفعل، ولذلك يجب على المشتركين على كل واحد كمال الجزاء


(١) سورة النساء آية ٩٣.
(٢) في نسخة أخرى: أحللنا.