للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساغ قياس الخطأ على العمد، والجامع بينهما أن بدل المتلف هو الجزاء، وهو مقدر بمثل الفائت، إما بقيمته من الدراهم أو الدنانير أو النعم، وأبدال المتلفات، يستوي العمد والخطأ كالديات وقيم المتلفات، وغاية ما في النسيان أن يقدر عذرا، والعذر لا يسقط الجزاء المتعلق بالجنابة، الدليل عليه الحلق للأذى، إلا أن هذ لا يستقيم على أصل الشافعي، فإنه فرق في اللبس بين العمد والنسيان، وكذلك في التطيب، ولأن الصوم يبعد جعله بدلا من العين، وقد أوجب الله تعالى الصيام فقال: (أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) ، يدل على أنه جزاء على الفعل، ومتى وجب جزاء على الفعل، اختلف المتعمد والساهي، لأن الساهي ليس يستحق ذلك، ويبعد أن يكون الصيام في حق المخطئ على ما قاله الله تعالى في حق المتعمد: (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) ، إلا أن الشافعي يجوز إيجاب الصوم حقا لله تعالى بطريق البدل، وقد عرف ذلك من أصله في وجوب الكفارة بقتل الآدمي.

والجملة، وجوب الجزاء على الناس بقتل الصيد مسلك على أصل أبي حنيفة، فإنه لا يرى إثبات الكفارات بالقياس، والذي نحن فيه سبيله، سبيل الكفارات عنده، حتى إذا اشترك المحرمون عنده في قتل صيد، فعلى كل واحد منهم جزاء كامل، بخلاف صيد الحرم، فإنه وجب بالجناية على الإحرام، وجناية كل واحد منهم كاملة، وذلك يخرج الجزاء عن كونه بدلا، ومتى ثبت أنه جزاء على الفعل، كيف يجب على الخاطئ؟ سيما والكفارات عنده لا تثبت قياسا، ولما ورد النص في الكفارة بقتل الآدميين في الخطأ لم يجوز «١» قياس قتل العمد عليه، سواء وجب القصاص في العمد أو لم يجب، مثل قتل الأب ابنه، والسيد عبده، فكيف أجازوا قياس


(١) في نسخة: لم يجز