القيمة مثل للشيء من حيث المعنى، والذي في ذوات الأمثال مثل من طريق الصورة والمعنى، أما البدنة في قتل النعامة فليست مثلا للنعامة لا صورة ولا معنى، فإذا لم يكن كذلك فلا طريق أصلا إلى ما قلناه.
والجواب أن المعتبر في ذلك فهم معنى كتاب الله تعالى وتتبع دلالته، فإذا قال تعالى:(فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ، كان المثل من النعم، والمثل من النعم لا يجوز أن يكون بطريق القيمة، فإن العبد لا يكون مثلا للعبد في الإطلاق وإن ساواه في القيمة.
نعم، إنا لا نطلق القول بالمماثلة بين الجنسين المختلفين، ولكن إذا قيل: مثل ما قتل من النعم، فلا يظهر منه إلا المماثلة بينهما من حيث الصورة، ومن أجل ذلك أجمع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم على إيجاب البدنة في النعامة، أفيتوهم متوهم أن قيمة النعامة بدنة في زمن الصحابة وفي زمن التابعين، قيمتها في وقت من الأوقات، وهل سمعنا أن قيمة النعامة كانت عند المسلمين قيمة بدنة، قالوا القيمة معنية بهذا المثل فيما لا نظير له، فواجب أن يفهم من اللفظ في الكبير من الصيد ما فهم من الصغير، فإن اللفظ اشتمل عليها اشتمالا واحدا، ومتى اعتبر النظير اختص اللفظ ببعض المسميات.
الجواب: أن الذي قالوه، وتحكم، فإن الآية نص في إيجاب المثل من النعم، فإذا قال الله تعالى:(فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ، فمعناه بالمثل من النعم، والجزاء من النعم بطريق المماثلة، ولو اقتصر على قوله:(فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) ، أو فجزاؤه من النعم، لم يمكن طرح النعم المذكور، وجعل القيمة أصلا، وكذلك هاهنا.
وعلى هذا لا دلالة للآية على صفات الصيود، وإنما وجوب القيمة فيها متلقى من الإجماع.