للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: من النعم، بيان ذلك الإجمال لا محالة، ولا يجوز أن يقال من النعم يحكم به ذوا عدل غير مرتب على ما تقدم، وهذا معلوم ضرورة، وإنما كان يستقيم ما ذكروه، أن لو كان صدر الكلام مستقلا بالبيان وفيه شيء آخر، وهو أنا لا نثبت المماثلة على الوجه الذي ذكروه وتوهموه، وإنما نقول: يقوم الهدي، ثم يشتري بقيمة الهدي طعاما، فلا مماثلة مع الهدي بوجه، وإنما المماثلة والمقابلة مع النعم، ثم يقوم النعم ويشتري به طعاما، لأن الله تعالى ذكر المماثلة مع النعم، ولم يذكر المماثلة مع الصيد.

نعم، أبو حنيفة يقول: يقوم الصيد دراهم، ثم يشترى بالدراهم طعاما، فيطعم كل مسكين نصف صاع. فأما الشافعي فإنه يرى المثل من النعم، ثم يقوم المثل كما في المثليات يقوم المثل، وتوجد قيمة المثل، فستكون قيمة المثل كقيمة الشيء، فإن المثل هو الأصل في الوجوب وهذا لا غبار عليه «١» .

قوله تعالى: (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) «٢» ، استدل به قوم على أن العاق لا جزاء عليه، وهو بعيد جدا عن أصول الشرع.

نعم معنى ذلك (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) ، بعد قوله عفا الله عما سلف، يعني قبل التحريم.

قوله تعالى: (لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) «٣» ، احتج به الرازي لأبي حنيفة، في أن المحرم إذا أكل من الصيد الذي لزمه، جزاؤه أن عليه


(١) أنظر الجامع لأحكام القرآن
(٢) سورة المائدة آية ٩٥.
(٣) سورة المائدة آية ٩٥.