واحد معا، فكذلك قوله: فجزاء مثل ما قتل من النعم، موصول بقوله:
يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة، أو كفاره طعام مساكين، لم يكن ذكر النعم تفسيرا للمثل.
الجواب أن الذي قالوه غلط، فإن قوله:(يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) ، في اعتبار حال الصيد في صغره وكبره، موجب في أدنى النعم بدنة على قدرها، وفي الرفيعة على قدرها، وذلك يقتضي حكم ذوي العدل، وأما قولهم إن الله تعالى ذكر الطعام والصيام، قيل لا جرم لا يحسن في الإطلاق أن يقول: فجزاء مثل ما قتل من الطعام أو الصيام أو الصلاة، إن ورد الشرع بالصلاة، فإن الصوم لا يكون مثلا للحيوان في الإطلاق، وكذلك الطعام، فيدل ذلك على أن قوله تعالى: فجزاء مثل ما قتل من النعم، يقتضي إيجاب المثل من النعم، أو الطعام إذا لم يرد المثل، أو عدل ذلك صياما، فالمماثلة معتبره من جهة الخلقة والصورة في النعم، ولا يتحقق ذلك في الطعام والصيام.
قالوا قوله: فجزاء مثل ما قتل، كلام تام غير مفتقر إلى تضمينه بغيره، وهو قوله من النعم يحكم به ذوا عدل منكم.. أو كفاره طعام مساكين، يمكن استعماله على غير وجه التفسير للمثل، فلم يجز أن يجعل المثل مضمنا بالنعم، مع استغناء الكلام عنه، لأن كل كلام له حكمه، غير جائز تضمينه بغيره إلا بدلالة تقوم عليه سواه، ولأن قوله من النعم معلوم أن فيه ضمير إرادة الحرم، فمعناه من النعم يحكم به ذوا عدل منكم، هديا إن أراد الهدي، والطعام إن أراد الطعام، فليس هو إذا تفسير للمثل، كما أن الطعام والصيام ليسا المثل المذكور. والجواب أن قوله تعالى: فجزاء مثل ما قتل، أن قدر الاقتصار عليه كان مجملا لا يكفي في البيان، فإن المثل يقع على وجوه مختلفة.