للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه دليل على أن إباحة الاستمتاع موقوفة على النكاح. ولذلك يحرم ما عداه، ولا يفهم منه التحريم بملك اليمين، لأن من لا يقدر على النكاح لعدم المال لا يقدر على شراء الحارية غالبا.

وفيه دليل على بطلان نكاح المتعة، ودليل على تحريم الاستمناء «١» .

قوله تعالى: (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) :

روي عن عطاء أنه قال: ما أراه إلا واجبا، وهو قول عمرو بن دينار.

واعلم أن إيجاب ذلك لا محمل له إلا التوقيف، وإلا فإجبار المالك على إزالة ملكه لا وجه له، ولا يقتضيه أصل الشرع وقياسه، لأن الكتابة بعيدة عن قياس الأصول، وتقتضي الأصول بطلانها، فيشبه أن يكون قوله:

(فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) ، رخصة في الكتابة رفعا للحرج المتوهم، مثل قوله تعالى:

(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) «٢» .

ومثل قوله: (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) «٣» .

وكل ذلك رفع للحرج.

وكذلك، إذا قلنا الأصل امتناع الكتابة، إلا أن الشرع أرخص فيها وجوزها بطريق الرخصة، فمطلق الأمر فيه لا يظهر منه الوجوب.


(١) الاستمناء بالكف، وقد ذكر ذلك القرطبي في تفسيره والفخر الرازي وصاحب محاسن التأويل في تفسير سورة المؤمنون.
(٢) سورة المائدة آية ٢.
(٣) سورة الجمعة آية ١٠.