ولأن تعليقها بابتغاء العبد مما يدل على أنها غير واجبة، ولو وجبت لوجبت حقا للشرع، غير متعلقة بابتغاء العبد.
والذي يخالف في ذلك وينصر مذهب عطاء يقول: إنما احتمل الشرع مخالفة قياس القواعد ابتغاء تحصيل العتق الذي هو حق الله تعالى «١» ، والمقصود به تفريغ العبد بحريته لطاعة الله تعالى، بعد أن كان كثيرا من أوقاته لغير حق الله عز وجل.
وإذا ثبت أن الأمر كذلك، فقد وضع الله تعالى ذريعة لتحصيل هذه المكرمة شرعا بلفظ الوجوب.
فمخالفة قياس الأصول كانت لتعظيم أمر الحرية، فمن أين مبعث الوجوب؟
نعم في قوله تعالى:(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) ، و (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا) . كل ذلك لغرض غير غرض الشهادة وغير مقصود الشرع، وهاهنا هذا فيه تحصيل الحرية، فاحتمل فيه ما احتمل من مخالفة قياس الأصول لهذا المعنى، حتى جعل له في الزكاة قسط، ولم يجعل ذلك إلا ليتوصل به إلى الحرية، وأوجب كثير من العلماء فيه التأجيل إرفاقا بالعبد، فكان هذا الإرفاق مقصود الشرع بلفظ الأمر الدال على الوجوب، فما الذي منع من وجوبه؟
يبقى أن يقال: ولو كان واجبا لما توقف على ابتغاء العبد.
قالوا: إذا لم يتمكن العبد، فإجباره على الإضرار بنفسه لا وجه له، وإن كان العبد قادرا على الاكتساب، فلا شك في أنه لا يقصر في حق نفسه في سعي الكتابة، فبنى الشرع على الغالب، ونظيره أن الشرع أوجب الطهارة