للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويدل على أنه لا نظر إلى الشك إذا أمكن درك اليقين، وأنه يجوز استصحاب حكم الليل في حق الشاك.

وفيه الدلالة على أن الجنابة لا تنافي صحة الصوم، لما فيه من إباحة الجماع من أول الليل إلى آخره، مع العلم بأن المجامع من الليل إذا صادف فراغه من الجماع طلوع الفجر، أنه يصبح جنبا، ثم حكم مع ذلك بصحة صيامه بقوله: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) .

والذي يخالف هذا يقول، إنما أبيح الأكل إلى الفجر لا الجماع، فإنه لم يقل: «وباشروهن إلى أن يتبين» .

وفيه دليل على أن البياض بعد تبين الفجر من النهار، بخلاف البياض بعد غروب الشمس.

وظن قوم أنه إذا أبيح له الفطر إلى أول الفجر، فإذا أكل على ظن أن الفجر لم يطلع، فقد أكل بإذن الشرع في وقت جواز الأكل، فلا قضاء عليه، كذلك قاله مجاهد وجابر بن زيد، ولا خلاف في وجوب القضاء، إذا غم عليه الهلال في أول ليلة من رمضان، إذا أكل ثم بان أنه من رمضان، والذي نحن فيه مثله، وكذلك الأسير في دار الحرب إذا أكل ظنا أنه من شعبان ثم بان خلافه..

قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (١٨٧) .

ظاهر ذلك يقتضي تحريم المباشرة مطلقا لشهوة وغير شهوة، والمباشرة أن تتصل بشرته ببشرتها، إلا أن عائشة كانت ترجل شعر رسول الله وهو «١» معتكف، فكانت لا محالة تمس بدن الرسول عليه السلام بيدها،


(١) أخرجه مالك والبخاري ومسلم.