للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا نص في حجية الإجماع وقد جاء مرفوعًا (١)، والأصح -والله أعلم-أنه لا يصح مرفوعًا، وإنما يصح من كلام أبي مسعود البدري - رضي الله عنه -، ... إلى غير ذلك من الأدلة.

* تنبيه: استدل بعض الأصوليين بأدلة لا دلالة فيها على حجية الإجماع، ومن ذلك:

١ - أنهم استدلوا بالأدلة التي تدل على أن لزوم الجماعة واجب وأن من خرج عن الجماعة ومات مات ميتة جاهلية.

كالذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» (٢).

وأخرج أحمد وأبو داود من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ» (٣).

والأظهر والله أعلم أن الاستدلال بمثل هذا لا يصح، لأن المراد بالجماعة في هذا الحديث جماعة الأبدان وهو السمع والطاعة للحاكم في غير معصية الله، وليس المراد به اجتماع الأمة وإنما المراد به جماعة الأبدان.

فقد ذكر الخطابي - رحمه الله - في كتابه «العزلة»: أن الفرقة نوعان فرقة أبدان وفرقة أديان، وفي المقابل الاجتماع يكون نوعين، اجتماع على الأبدان واجتماع على الأديان (٤).


(١) كما عند أبي داود (٤٢٥٣) من حديث أبي مالك الأشعري، وابن ماجه (٣٩٥٠) من حديث أنس وغيرهم.

(٢) أخرجه مسلم (١٨٤٨/ ٥٣) من حديث أبي هريرة.

(٣) أخرجه أحمد (٢١٥٦٠)، وأبو داود (٤٧٥٨)، وصحَّح الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (٤٧٥٨) طبعة المعارف.
وأخرجه من حديث أبي مالك الأشعري أحمدُ (٢٢٩١٠)، والترمذي (٢٨٦٣) وقال: حسن صحيح. وصحَّح الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (٢٨٦٣) طبعة المعارف.
(٤) انظر: «العزلة» للخطابي (ص:٨).

<<  <   >  >>