للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إجماعًا وذكروا أن أقوال أهل العلم بعد ذلك استقرت على أنه لا يزاد في الجنازة على أربع وقد كان بين الصحابة خلاف في هذا.

فالمقصود أنه يتأمل في أمثال هذه المسائل ولا يتعجل، لكن لو تبين للناظر أن الإجماع مخروم فإنه يقال بخرمه، وفي المقابل لا يتعجل؛ فإن الأصل فيما يحكيه عالم ذو استقرا كما تقدم ذكرهم كالنووي أو ابن قدامة أو غيرهم صحة الإجماع، وبرهان هذا البحث والنظر فإنه عند البحث غالباً يتضح صحة قولهم.

لكن بعضهم يخرم الإجماع بمخالفة ابن حزم الظاهري أو مخالفة داود الظاهري وهذا خطأ كما سيأتي التمثيل على هذا إن شاء الله تعالى، حتى رأيت أحدهم كتب بحثاً وقال قد ذكر في المسألة إجماعًا لفلان وفلان إلا أن هذا الإجماع لا يصح؛ لأن ابن حزم خالفه. وهذا عجيب كيف يعول على ابن حزم في نقض إجماع سابق؟! وابن حزم محجوج بالإجماع ومثل هذا ينبغي التنبه إليه (١).

ومما يحسن التنبيه إليه أن ثمة علماء يحكون إجماعًا ويريدون الأكثر ولا يعتدون بمخالفة القلة، ومن هؤلاء:

١ - ابن جرير الطبري (٢): فقد اشتهر عند أهل العلم أن ابن جرير الطبري إذا حكى إجماعًا فإنه لا يعتد بمخالفة القلة كالواحد والاثنين وغيرهم فمثل هذا لا يعتد بإجماعه إذ لم يحكِ الإجماع إلا هو.


(١) قال ابن رجب في «فتح الباري» (٤/ ٢٤٢): «فإن شذ أحد من أهل الظاهر جريًا على عادتهم، ولم يبال بخرق إجماع المسلمين، كان محجوباً بالإجماع قبله».
وقال في (٦/ ١٠٥): «خالف فِيهِ شذوذ من متأخري الظاهرية، لا يعبأ بخلافهم الإجماع القديم».
(٢) انظر: «الإحكام» للآمدي (١/ ٢٣٥)، و «شرح مختصر الروضة» للطوفي (٣/ ٥٣).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق» لابن تيمية (١/ ٥٩٧): «وأما ابن جرير الطبري فالإجماع عنده قول الجمهور؛ فلا يحتج بنقله» باختصار.

<<  <   >  >>