للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تقدم نسبة هذا القول إلى الباقلاني والآمدي، وحقيقة هذا القول أنه لا يوجد إجماع لصعوبة تحقق ذلك.

فقد قال ابن قدامة: «وهذا القول يرجع إلى إبطال الإجماع؛ إذ لا يتصور قول الأمة كلهم في حادثة واحدة.

وإن تصوّر: فمن الذي ينقل قول جميعهم، مع كثرتهم وتفرقهم في البوادي والأمصار والقرى؟!» (١).

٢ - وطائفة قالوا: إن الإجماع السكوتي ليس حجة، وسيأتي - إن شاء الله - بحث الإجماع السكوتي.

ومعناه: أن يتكلم طائفة من أهل العلم ويشتهر هذا القول ولا ينكره آخرون.

فقالت هذه الطائفة: إن هذا الإجماع ليس حجة.

وهذا القول إذا دققتَ فيه وجدتَه رجع إلى قول المتكلمين، كما سيأتي بيانه - إن شاء الله -؛ إذ لازم القول بأن الإجماع السكوتي ليس حجة أن لا يوجد إجماع يحتج به.

قال أبو بكر الجصاص في كتابه «الفصول في الأصول» ما ملخصه: ولازم إنكار الاحتجاج بالإجماع السكوتي أن لا يوجد إجماع (٢).

وصدق - رحمه الله -.


(١) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٣٩١).
(٢) انظر: «الفصول في الأصول» للجصاص (٣/ ٢٩٠).
حيث قال: « ... ، فوجب بهذا أن يكون سكوتهم بعد ظهور القول وانتشاره: دلالة على الموافقة.
ولو لم يصح الإجماع من هذا الوجه، لما صح إجماع أبدا، إذ غير ممكن أن يضاف شيء من الأشياء بقول إلى جميع الأمة: على أنها قد قالته ولفظت به، وإنما يعتمدون فيه على ظهور القول فيهم، من غير مخالف لهم».

<<  <   >  >>