ففي عصر الصحابة نشأ مجتهدون جدد من التابعين كسعيد بن المسيب فإذن يلزم على هذا أن ينتظر حتى ينتهي عصر سعيد و قد يخرج مجتهدون أخر فينتظرون وهكذا ... إلخ.
وإن قيل: إن المراد أن يموت جميع المجتهدين في عصر الصحابة؟
قلنا: هذا إن تُصوِّرَ في عصر الصحابة، فصعب تصوره فيمن بعدهم، من الناحية الواقعية العملية، بل مقتضاه رد كثير من الإجماعات؛ لأنه يصح أن يقول قائلهم: هل أثبتم انقراض العصر حتى يُحتج بهذا الإجماع؟
ويكفي في ضعف هذا الشرط أمران:
الأول: أنه لا دليل عليه، وأن أول من قال به هم المعتزلة كما تقدم بيانه.
الثاني: أن الدليل على خلافه.
* * *
المسألة الحادية عشرة
لا يجوز في الشريعة إحداث قول جديد (١)
إذا اختلف العلماء على قولين فلا يصح لأحد أن يحدث قولاً ثالثاً جديداً، وإذا اختلفت الأمة على أربعة أقوال فلا يصح لأحد أن يحدث قولاً خامساً، وإذا لم يكن للأمة إلا قول واحد فلا يصح لأحد أن يحدث قولاً ثانياً ومن فعل ذلك فقد خالف الإجماع من جهة أن الأمة لما اختلفت على قولين أجمعت أن الحق في أحد هذين القولين، ومن جهة أخرى فقد وقع في الإحداث، والإحداث منهي عنه
(١) انظر في هذا: «المعتمد» لأبي الحسين (٢/ ٤٤) وما بعدها، و (٢/ ٧٠)، و «العدة في أصول الفقه» لأبي يعلى (٤/ ١١١٣ - ١١١٥)، و «التمهيد في أصول الفقه» لأبي الخطاب (٣/ ٣١٠ - ٣١٤)، و «الإحكام» للآمدي (١/ ٢٦٨ - ٢٧٢)، و «المحصول» للرازي (٤/ ١٢٧ - ١٣٠)، و «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ٥١٦) وما بعدها وغيرها.