للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر نحو هذا ابن قدامة في «روضة الناظر» (١)، بل وقال في «المغني» لما ذكر مسألة ونقل فيها قول بعض الصحابة دون مخالف: لا سبيل إلى نقل قول جميع الصحابة في مسألة، ولا إلى نقل قول العشرة، ولا يوجد الإجماع إلا القول المنتشر (٢).

فينبغي لأهل السنة أن لا يغتروا بأقوال أهل البدع، وأن يكونوا متبصرين.

وممن خالف في حجية الإجماع أو ضيق كثيرًا الظاهرية، وسيأتي الكلام - إن شاء الله تعالى - على الظاهرية ومذهبهم في ذلك.

إيرادٌ وردُّه

فإن قيل: ماذا يقال في قول الإمام أحمد: «من ادعى الإجماع فهو كاذب»؟

فيقال: الجواب من وجهين:

الوجه الأول: أن الإمام أحمد قطعًا لم يردْ إنكار الإجماع، بدليل أن الإمام أحمد نفسه استدل بالإجماع في مسائل كثيرة، منها:

١ - قول الإمام أحمد: «أجمعوا على أن التكبير - أي المقيد -، يبتدئ من غداة يوم عرفة» (٣).

٢ - وقوله: «أجمعوا على أن أولاد المسلمين في الجنة» (٤).


(١) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٤٣٧)، حيث قال: « ... ، أنه لو لم يكن هذا إجماعًا: لتعذر وجود الإجماع؛ إذ لم ينقل إلينا في مسألة قول كل علماء العصر مصرحًا به».
(٢) انظر: «المغني» لابن قدامة (٢/ ٣١٠) بمعناه.
(٣) انظر: «العدة في أصول الفقه» (٤/ ١٠٦١)، و «المغني» لابن قدامة (٢/ ٢٩٢)، و «فتح الباري» لابن رجب (٩/ ٢٢،٢٤).
(٤) انظر: «أحكام أهل الملل» للخلال (١/ ١١) بلفظ: «ليس فيه خلاف»، و «المغني» لابن قدامة (٤/ ٣٧) بلفظ: «ليس فيه اختلاف».

<<  <   >  >>