للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و المهم أنه إذا قيل لا بد أن يكون في الأمة من يعرف مستند الإجماع. فإنه يقال: هذا لا ينفعنا عملياً؛ لأننا عملياً متى ما رأينا الإجماع احتججنا به سواء علمنا المستند أو لم نعلم وسواء علمنا في الأمة من يعرف مستنده أم لا؛ وذلك أن الشريعة بينت أن الإجماع حجة ولم تشترط معرفة المستند إذن كل دليل يدل على أن الإجماع حجة فهو دليل على عدم اشتراط معرفة المستند.

المسألة السابعة

حجية الإجماع قبل الخلاف وبعده

والمراد من هذه المسألة: بيان أنَّ الإجماع حجة سواءٌ انعقد الإجماع بعد خلاف، أو حدثَ خلاف بعد إجماع.

فأما الإجماع الذي حدث بعده خلاف فلا شك أنه حجة والمخالفون يجب عليهم أن يرجعوا إلي الإجماع، ويدل لذلك كل دليل يدل على أن الإجماع حجة، فمن خالف الإجماع القديم فقطعاً أن خلافه خطأ؛ لأنه خالف الحق وهو ما أجمع عليه أهل العلم.

وهذا له نظائر وأمثلة حتى قال ابن القيم رحمه الله كما في «مختصر الصواعق»: لهذا مئتا مثال (١).

أي: أنه قد حصل إجماع قديم ثم حصل خلاف، وهذا من الفقه الدقيق، الذي ينبغي لطالب العلم أن يدقق فيه، فإنه يوجد مسائل غير قليلة يحكى فيها خلاف وإذا دقق في الأمر تبين أن الخلاف بعد إجماع سابق، فلذا يرد الخلاف بالإجماع السابق.


(١) انظر: «مختصر الصواعق» لابن القيم (ص:٢٧٦).
بلفظ: « ... ، وأبلغ من هذه حكاية الإجماع كثيرا على ما الإجماع القديم على خلافه، وهذا كثير جدا وإنما يعلمه أهل العلم، ولو تتبعناه لزاد على مائتي موضع».

<<  <   >  >>