للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقال: وإن كان الشافعي قطعاً يحتج بهذا النوع من الإجماع لكن حصر قوله في مثل هذا يحتاج إلي بينة ودليل، ولو كان كذلك لقرر هذا في «الرسالة»، فإنه تكلم في «الرسالة» على حجية الإجماع، ولم يشترط تطاول الزمن على ذكره، ولو كان هذا شرطاً عنده لبينه بوضوح في «الرسالة» أو غيره من كتبه لاسيما وهو مما أصل فيه حجية دليل الإجماع (١)، ومما يقطع به يقينًا أن مثل هذا الكلام من الشافعي لا يصح أن يستند عليه لرد كل إجماع سكوتي، وإن كان قد يستند عليه الشافعي -رحمه الله- في رد إجماع لا يراه صحيحًا، وإذا قيل له: إنه قد قال بهذا القول فلان وفلان ... فالشافعي يرى بقرائن أن غير هؤلاء لم يتكلموا في هذه المسألة، وعدم كلامهم لا يدل على إقرار من تكلم لقرائن، أما أن يجعل هذا الكلام من الشافعي أصلاً في رد الإجماع السكوتي فلا يصح بحال - والله اعلم -.

* * *

الشبهة السابعة

قال الشافعي رحمه الله تعالى: «ما ليس فيه خلاف فليس إجماعًا».

نقل هذه العبارة ابن حزم (٢) رحمه الله وسيأتي الكلام عليها؛ لكن ظاهر هذه العبارة أن المسألة التي يقال لا خلاف فيها فليست إجماعًا وهذه على ظاهرها قوية في الدلالة على أن قول العالم لا أعلم فيه خلافا أو ليس فيه خلاف ... إلخ أنه لا يفيد الإجماع.

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: أن الذي نقل هذه العبارة هو ابن حزم في كتابه «الإحكام في أصول الأحكام» وفي غيره، ولم أر أحدًا سبق ابن حزم إلى نقل هذه العبارة عن


(١) انظر: «الرسالة» للشافعي (ص:٤٧١ - ٤٧٥).
(٢) انظر: «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (٤/ ١٨٨).

<<  <   >  >>