للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يكون حجة إلا بعد انقراض العصر والعصر لم ينقرض؛ لأن عليًّا لم يمت.

والاعتماد على مثل هذا فيه نظر كبير، لذا لم يوافق أبا يعلى على هذا أبو الخطاب في «التمهيد» (١)، وذلك أن اجتماع عمر وعلي ليس إجماعًا بل هو اجتماع اثنين.

والمراد بالإجماع: أن يجمع العلماء بأن ينطق جماعة ولا يخالفهم الآخرون، أما أن يتفق علي وعمر على قول ثم يرجع أحدهما فليس هذا إجماعًا.

ومن جهة أخرى: ذكر أبو الخطاب (٢) وغيره أن كلام عمر مع علي كان من باب المشورة.

فالمقصود: أن قول عمر وعلي ليس إجماعًا، والإجماع الذي يبحث هو اتفاق مجتهدي الأمة، أما أن يقول اثنان قولًا ثم يرجع أحدهما عن قوله فإن هذا لا يعد إجماعًا؛ لذا نسبته إلى أحمد فيه نظر.

بل أول من قرر هذا الشرط صريحا، هو القاضي أبو علي الجبائي المعتزلي كما في «المعتمد» (٣)، وتبناه كذلك أبو الحسين البصري المعتزلي صاحب المعتمد؛ ولم ينسب العلائي (٤) هذا القول إلا لأبي علي الجبائي المعتزلي، فدل هذا على أنهما لا يريان أنه قد قال بهذا القول مثل الإمام أحمد ولا سيما أن النسبة إلى أحمد باستنباط أبي يعلى فيه نظر كما تقدم تقريره.

فالمهم أن يعلم أن هذا القول ليس عليه الأولون وإنما تبناه طائفة من المعتزلة ثم تبناه بعض المتأخرين من الأصوليين.


(١) انظر: «التمهيد في أصول الفقه» لأبي الخطاب (٣/ ٣٥٣).
(٢) انظر: «التمهيد في أصول الفقه» لأبي الخطاب (٣/ ٣٥٣)، بلفظ: «وأما خبر علي، فالصحيح منه أنه قال: كان رأيي ورأي أمير المؤمنين عمر ... ».
(٣) انظر: «المعتمد» لأبي الحسين (٢/ ٧٠).
(٤) انظر: «إجمال الإصابة في أقوال الصحابة» للعلائي (ص:٢٠).

<<  <   >  >>