للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما القول المشهور عند المذاهب الأربعة أن المسافر يصلي الرواتب ليلاً ونهاراً (١).

فالمقصود: أن من استثنى راتبة الفجر فإن قوله قول ملفق.

وما جاء عن ابن عمر من استثناء راتبة الفجر فإنه لا يصح إسناده (٢).

ولم يصح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم في السفر على ركعتي الفجر والوتر.

والذي عليه العلماء والفقهاء الأولون أن التلفيق لا يصح وإنما عرف بهذا المتكلمون والمتأخرون كما تقدم ذكره، ويردون على التلفيق بما يلي:

الرد الأول: أنه إنما عرف به المتأخرون من المتكلمين وغيرهم.

الرد الثاني: أنه لما اختلف الصحابة أو من بعدهم على قولين فالطائفة المنصورة على أحد هذين القولين وهي قد تبنت الحق كله فعلى هذا التلفيق ترك لبعض الحق.

الرد الثالث: أن الذي لفق خرج بقول مرجوح قطعًا لأنه أخذ من هذا جزءًا وأخذ من هذا جزءًا فلابد أنه أخذ من القول المرجوح جزءًا وكوَّن قولًا مجموعًا من قولين مرجوحين دون القول الثالث الراجح.

الرد الرابع: أن كل دليل في النهي عن الإحداث هو رد على القول بالتلفيق.

وأخيراً: رأيت بعض أهل العلم ينسب إلى بعض العلماء القول بالتلفيق بناءً على أن فعله يدل على ذلك في مسائل، كما نسبوا هذا القول لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولم أقف على شيء في كتبه يدل على أنه يرى القول الملفق، ولم أر شيئا من كلام تلميذه ابن القيم يدل على أن ابن القيم نفسه أو أن شيخه يرى التلفيق بين


(١) انظر ذلك في: «بدائع الصنائع» للكاساني (١/ ٩٣)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٢١١) للزيلعي، و «المجموع» للنووي (٤/ ٤٠٠ - ٤٠١)، و «الإنصاف» للمرداوي (٢/ ٣٢٢).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١/ ٣٤٢) والأثر ضعيف لمخالفة رواية الأكثرين عنه.

<<  <   >  >>